تفاقم الأزمات الاقتصادية والإنسانية يطفئ فرحة الفلسطينيين بالشهر الكريم
تفاقم الأزمات الاقتصادية والإنسانية يطفئ فرحة الفلسطينيين بالشهر الكريم
أحد أصحاب المحال التجارية: ارتفاع الأسعار غيّب البيض والدجاج عن موائد الفلسطينيين
محلل اقتصادي: شهر رمضان يأتي في ظل أوضاع اقتصادية ومعيشية سيئة
أستاذ علوم اقتصادية: أعباء كثيرة تفرض نفسها على واقع حال الأسرة الفلسطينية
حقوقي بمركز الميزان: القيود التي تفرضها إسرائيل تزيد معاناة الفلسطينيين
نائب مفوض الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان: العجز التمويلي أثّر سلباً على تلبية احتياجات المواطن
فلسطين- أحمد حرب
على وقع أصعب أوضاع اقتصادية ومعيشية يأتي شهر رمضان المبارك والفلسطينيون يمرون بأحوال مادية وإنسانية واقتصادية متردية نتيجة حصار إسرائيلي امتد لأكثر من 15 عاما وتزايد الأزمات المالية التي تمر بها السلطة الوطنية الفلسطينية وقرابة مليوني نسمة في غزة والضفة معظمهم يعتاش على مساعدات وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) والشؤون الاجتماعية.
انعكس واقع الحال على حركة البيع والشراءِ في الأسواق الفلسطينية، وعدم شعور المواطن الفلسطيني بفرحة الشهر الكريم.
يقول أحد أصحاب المحال التجارية، أبو جبر المسارعي، لـ"جسور بوست"، إن العديد من السلع غابت عن موائد المواطن الفلسطيني كالبيض والدجاج واللحوم بسبب غلائها بشكل كبير وعدم قدرة المواطن على شرائها بالإضافة لعدم توفر السيولة مع العائلات نتيجة الأزمات الاقتصادية التي تمر بها، عدا عن الضرائب التي تفرضها حكومة حماس على التجار وأصحاب المحال التجارية ما يزيد من الأعباء على المواطنين الفلسطينيين من خلال ارتفاع أسعار السلع الأساسية.
أوضاع اقتصادية سيئة
من جانبه، قال المحلل الاقتصادي ماهر الطباع لـ "جسور بوست"، إن شهر رمضان الكريم يأتي للعام السادس عشر على التوالي في ظل أسوأ أوضاع اقتصادية ومعيشية تمر بقطاع غزة والضفة الغربية منذ عقود، وذلك في ظل استمرار وتشديد الحصار المفروض على قطاع غزة واستمرار الانقسام الفلسطيني وعدم الوفاق وتفاقم أوضاع وأزمات المواطنين.
وتابع: من المتعارف عليه أن معدلات الاستهلاك ترتفع من قِبل المواطنين في شهر رمضان الكريم، ما يشكل عبئا اقتصاديا إضافيا على كاهل المواطنين محدودي ومعدومي الدخل، حيث تزداد احتياجات المواطنين وتتضاعف المصاريف في هذا الشهر الكريم من خلال الموائد الرمضانية المختلفة، والتزاماتهم من النواحي الاجتماعية والعائلية.
ماهر الطباع
الفقر وانعدام السيولة النقدية
وذكر أن شهر رمضان يأتي والأسواق تشهد حالة من الكساد والركود في كل الأنشطة الاقتصادية وأهمها القطاع التجاري الذي يعاني من ضعف في المبيعات نتيجة لضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين والنقص الشديد في السيولة النقدية، وأصبحت الأسواق التجارية شبه خالية ومهجورة من الزبائن.
وأوضح لـ"جسور بوست" أن كل مؤشرات البطالة والفقر وانعدام السيولة النقدية تؤكد أن قطاع غزة حاليا ليس على حافة الانهيار بل دخل مرحلة ما بعد الموت السريري، حيث إن قطاع غزة أصبح نموذجا لأكبر سجن بالعالم، بلا إعمار، بلا معابر، بلا ماء، بلا كهرباء، بلا عمل، بلا دواء، بلا حياة، بلا تنمية، والمطلوب من المؤسسات والمنظمات الدولية الضغط الفعلي على إسرائيل لإنهاء حصارها لقطاع غزة وفتح كل المعابر التجارية وإدخال جميع احتياجات قطاع غزة من السلع والبضائع دون قيود وشروط.
تعقيد الأزمة
في السياق، قال أستاذ العلوم المالية والاقتصادية نصر عبدالكريم لـ"جسور بوست" إن الأزمات الاقتصادية في فلسطين هي نتاج انسداد الأفق السياسي والأزمة المالية التي تمر بها السلطة الوطنية الفلسطينية وعدم قدرتها على دفع رواتب موظفيها بنسبة 100%، بالإضافة إلى القيود التي تفرضها إسرائيل على مقومات الاقتصاد الفلسطيني منذ اتفاق أوسلو.
نصر عبدالكريم
وأوضح أن قدوم شهر رمضان يعقّد الأزمة، بمعنى أنه يلقي بأعباء كثيرة على الأسر الفلسطينية التي تعاني معظمها اقتصاديا، سواء في قطاع غزة أو بعض مناطق الضفة الغربية مما يدخلها في حالة استهلاكية غير قادرة عليها من خلال زيادة الطلب وزيادة الأسعار بشكل غير منطقي وغير مبرر، وهذا مكلف بالنسبة للمواطن الفلسطيني.
وبيّن أن الحرب الروسية الأوكرانية أثرت على الاقتصاد الفلسطيني من الناحية التجارية وبطريقة غير مباشرة، بمعنى أنه عندما نتحدث عن أن ثلث إنتاج القمح يأتي من أوكرانيا وروسيا مع بداية الحرب تراجعت سلاسل التوريد للعديد من الدول ومن بينها فلسطين، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار في سلع عديدة كالطحين والزيوت وغيرها وشعر بها المواطن الفلسطيني، ما يزيد من أعبائه خاصة مع شهر رمضان الذي يكثر فيه الطلب على الاحتياجات المنزلية.
عجز تمويلي
من جانبه، أكد نائب المفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان أمجد الشوا لـ"جسور بوست" أن شهر رمضان يأتي على الشعب الفلسطيني في ظل ظروف سياسية اقتصادية وإنسانية واجتماعية معقدة نتيجة الحصار الإسرائيلي وعجز في التمويل للاستجابة للتداعيات الخطيرة الناجمة الانتهاكات الإسرائيلية خاصة تنامي الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي بنسب غير مسبوقة إذ إن أكثر من 80% من سكان غزة يعتمدون على المساعدات الإنسانية وأكثر 64% يعانون انعدام الأمن الغذائي في حين وصلت نسبة البطالة بين الشباب إلى أكثر من 60% .
أمجد الشوا
وأردف: هذه العوامل لها تداعيات وانعكاسات خطيرة على الواقع النفسي والاجتماعي في قطاع غزة والضفة الغربية، ما يؤثر على التفاعل مع أجواء شهر رمضان نتيجة غياب كل عوامل الفرحة بهذا الشهر الكريم خاصة ضعف الحركة الشرائية للمواطنين في الأسواق الفلسطينية.
وشدد الشوا على أن العجز التمويلي الذي وصل إلى أكثر من 40% أضعف استجابة المواطن الفلسطيني لتلبية احتياجاته خلال شهر رمضان المبارك، بالإضافة إلى استمرار الانقسام السياسي ومحدودية الاقتصاد الفلسطيني المعزول عن العالم بسبب السياسات والانتهاكات الإسرائيلية.
تراجع ملحوظ
بدوره، كشف الحقوقي بمركز الميزان لحقوق الإنسان، باسم أبو جري، لـ"جسور بوست" أن الأوضاع المعيشية والإنسانية تشهد تراجعا ملحوظا في فلسطين نتيجة عوامل من أهمها السيطرة والانتهاكات الإسرائيلية على المعابر والحدود وتقييد حرية الحركة التجارية، بالإضافة إلى الهجمات الميدانية في قطاع غزة والضفة الغربية.
مضيفا أنه ما زالت كميات الصادرات بين فلسطين والعالم قليلة بسبب القيود التي تفرضها إسرائيل على القطاع التجاري الفلسطيني وتحد من حركته ونشاطه.
باسم أبوجري
وبيّن أن كل هذه التداعيات على المشهد الاقتصادي الفلسطيني وارتفاع معدل البطالة في صفوف القوى العاملة بنسبة 45% انعكست سلبا على قدرة الأسر على تلبية احتياجاتها الغذائية ما يفاقم من مستوى انعدام الأمن الغذائي بين الفلسطينيين، بالإضافة إلى عدم قدرة الحكومة الفلسطينية على دفع كامل رواتب الموظفين العموميين لديها، وهذا بدوره يؤثر بشكل مباشر على قدرة الأسر الفلسطينية على تلبية متطلباتها اليومية نتيجة انعدام الدخل المتواصل.
وأشار إلى أنه مع شهر رمضان نستطيع أن نقول هناك ضعف عام لدى المواطن الفلسطيني في توفير احتياجات الشهر الكريم في ظل التحديات الاقتصادية القائمة في قطاع غزة والضفة الغربية، موضحا أن رمضان يأتي مع قسوة الظروف المعيشية والإنسانية في فلسطين من الحصار الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني الذي أثّر على أوجه الحياة الفلسطينية.